الأمس القريب ذرفت عيون الصالحين دموع الحزن على فراق رمضان وهاهي اليوم تستقبله بدموع الفرح نسأل الله عز وجل أن نكون من أهل رمضان وممن امتن الله عليهم بقيامه وصيامه وأن يوفقنا للخير والصلاح والفلاح فيه .
رمضان في قلبي هماهم نشوة .. من قبل رؤية وجهك الوضاءِّ
وعلى فمي طعم أحس به .. من طعم تلك الجنة الخضراء
قالوا بأنك قادم فتهللت .. بالبشر أوجهنا وبالخيلاء
كل هذا الشوق وكل هذا الحنين ومع ذلك فهناك من يخسر رمضان ويخسر فضله وأجره والعياذ بالله ، وربما لم يشعر ذلك الخاسر بلذة الصيام والقيام ولا يعرف من رمضان إلا الجوع والعطش فأي حرمان بعد هذا الحرمان نعوذ بالله من الخسران.
لماذا إذاً نخسر رمضان ؟؟
نخسره بتفويتنا الكثير من الأجر
نخسره بغفلتنا عن النية وعدم إحتساب الأجر
هنا لنا وقفة مع الاحتساب وكيف نتاجر مع الله في هذا الشهر الكريم ومضاعفة أجورنا بإحتسابنا لجميع أعمالنا
أولا:
ما معنى الاحتساب؟
يجيب ابن الأثير قائلاً:
"الاحتساب
في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله
بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم
فيها طلباً للثواب المرجو منها ".
إن الاحتساب عمل قلبي، لا محل له في اللسان، لأن النبي أخبرنا بأن النية محلها القلب... وأنت عندما تحتسب الأجر من الله ذلك يعني أنك تطلبه منه تعالى، والله عز وجل لا يخفى عليه شيء : {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (آل عمران:29).
و العمل لابد فيه من النية...
فالذى يحتسب وينوي بعمله وجه الله فهو لله،
والذى ينوي بعمله الدنيا فهو للدنيا
فالأمر خطير جداً.. جداً.
و"النيات تختلف اختلافاً
عظيماً وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء والأرض، من الناس من نيته في
القمة في أعلى شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء.
فإن نويت الله والدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك، وإن نويت
الدنيا فقد تحصل وقد لا تحصل.
لماذا من المهم أن تحتسب
الأجر في كل شيء؟..
1) حتى تحقق الغاية التي خلقت من أجلها،
لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفت بها وتحاسب عليها...
لذلك "فإنه
ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من
أجلها، وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه، والنجاة من غضبه
وعذابه، وأن يحرص، على أن تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله
تعالى سواء في ذلك الأمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم
التروك فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات، وقد دل
على ذلك أدلة كثيرة...".
إن حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع فتكون ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذريات:56) .
2) الاحتساب مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك...
"ولابد أيضا أن يميز العادة
عن العبادة، فمثلا الإغتسال يقع نظافة أو تبردا، ويقع عن الحدث الأكبر، وعن
غسل الميت، وللجمعة ونحوها، فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل
المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية". ينظر شرح جوامع الأخبار، لابن سعدي رحمه الله
3) أنت بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة.
لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية قبولا وردا وثوابا وعقابا، ويدل لذلك قول النبي "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
الامور التى تدفعنا الى احتساب الاجر:
1- سرعة مرور الوقت 2-موت الفجأة 3-تغير الاحوال من الصحة للمرض ومن الشباب الى الهرم ومن الغنى الى الفقر
4- لاننا نحتاج الى الكثير من الاعمال التى تثقل الموازين لاننا سرعان مانفسد اعمالنا الصالحة بعمالنا الفاسده كالنميمة والغيبه والكذب.
5- استشعار التفريط والتفريط فى جنب الله عزوجل.
6- الخوف من الله وهذا دافع قوى للعمل مع الرجاء.
7- الرغبة فى الحصول على الاجر والثواب
( احتســــــــاب الأجــــر فــــــــي رمضـــــــــــان )
فكم من أعمال نعملها في هذا الشهر الفضيل ـ أو غيره ـ يفوتنا أجرها لأننا لم نحتسب الأجر فيها
قال صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ) ـ
هل استشعرنا معنى هذا الحديث ؟؟
من صام رمضان إيماناً ( بفرضيته من الله عز وجل وأنه ركن من أركان الإسلام لا يكمل الدين إلا به )واحتساباً ( لكل ما يعرض لنا فيه من تعب ونصب )ـ
لا نقول / اليوم حر ـ تعبنا من الصيام , وغيرها من العبارات التي قد تنقص من احتسابنا للأجر في رمضان
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ) ـ
هل استشعرنا ذلك ؟؟
أختي الحبيبة
أنت كل يوم تُعدين الطعام لأسرتك , أبنائك وزوجك وأهلك
فهل احتسبت الأجر في ذلك ؟؟
هل احتسبت أجر تفطير الصائمين ؟؟
لو كان عدد أفراد أسرتك 5 مثلاً واحتسبت الأجر عند تجهيز الطعام لهم وأنه تفطير صائم لنلتِ أجرهم كلهم ـ إن شاء الله ـ
وهناك أناس مباركون موفقون في تفطير الصائمين نسأل الله من واسع فضله يأتون يوم القيامة وقد صاموا رمضانات عدة لأنهم فطروا الصائمين
لكن للأسف أننا غفلنا عن استشعار هذه المعاني العظيمة
فقبيل المغرب يبدأ الضجر والتسخط من تجهيز الطعام وقد يتلفظ البعض بكلمات تضيع عليه أجر الصيام، كله لأننا لم نعد نحتسب الأجر في أعمالنا اليومية في رمضان خاصة وبقية الأيام عامة
أخيتي
عندما تجهزي الطعام لأسرتك سواءً في رمضان أو غيره هل احتسبتِ أجر إدخال السرور على مسلم
ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : (إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن، وأن يفرِّج عنه غمًا، أو يقضي عنه دينًا، أو يطعمه من جوع) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الألباني في الصحيحة
وفي رواية للطبراني " " إن أحب الأعمال إلى الله - تعالى -بعد الفرائض: إدخال السرور على المسلم، كسوت عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت حاجته "ـ
وهل احتسبتِ الأجر وأنت تُعدين الطعام لأسرتك سواءً السحور أو الإفطار أو غيره ، بأنك تُعينينهم وتقوينهم على طاعة الله عز وجل
أخيتي
احتسبي أجر تفطير الصائمين عندما ترسلين الإفطار لجيرانك
إننا في شهر جود وعطاء وغالباً ما يرسل الجيران لبعضهم إفطاراً
فاحتسبي الأجر عندما ترسلين لهم الطعام ,, لا يكون نيتنا والله عيب جيرانا ما نرسل لهم ,, لا بل اجعلي نيتك لله وحده
احتسبي الأجر عندما ترسلين طعام الإفطار لهذا المسجد أو لغيره من المساجد
احتسبي الأجر عندما يأتيك سائل يطرق بابك
قال صلى الله عليه وسلم : ( تسحروا فإن في السحور بركة ) رواه البخاري ومسلم
وهي بركة شرعية وبركة بدنية
أما البركة الشرعية فهي امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم والإقتداء به
وأما البركة البدنية فمنها تغذية البدن ليقوى على الصيام
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين ) صححه الألباني
وقال صلى الله عليه وسلم : ( السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين ) رواه أحمد وحسنه الألباني
وصلاة الله على عباده رحمتهم
وصلاة الملائكة على العباد الدعاء لهم
كل هذه المعاني العظيمة التي في السحور يغفل الكثير عنها إلا من رحم ربك
صار السحور عندنا عادة
فمن اليوم لنحاول أن نحتسب الأجر حين نقوم للسحور ونستشعر أن الملائكة تدعوا لنا
أخيتي الغالية
احتسبي الأجر عندما تقرئين القرآن
احتسبي أننا في شهر عظيم تضاعف فيه الحسنات أضعافاً كثيرة
وكذلك لمن يسكن في مكة فمن يسكنون مكة داخل حدود الحرم يجمعون الآن بين شرف الزمان ( رمضان ) وشرف المكان ( مكة ) حيث تضاعف الحسنات أضعافاً كثيرة
احتسبي الأجر عندما تؤدين العمرة ففي الحديث ( عمرة في رمضان تعدل حجة أو قال : حجة معي ) وفي العمرة في رمضان يجتمع للعبد شرف الزمان والمكان حيث تضاعف الحسنات في رمضان وفي مكة المكرمة
اخواني المسلمين
حتساب الأجر بحرٌ لا ساحل له
لا يوفق إليه إلا السعيد من وفقه
الله لفقه الاحتساب جعل كل حركاته
و سكناته لله و بالله تعالى
شعارنا في رمضان ((بإحتسابي أجري أرضي ربي))
فلنحتسب الأنفاس حتى النوم فلنحتسبه تقوياً على الطاعة
هي أيام وترحل , ويرحل نصبها وتعبها ويبقى لنا أجرها ـ إن شاء الله ـ
فرمضان نعمة ـ رمضان فرصة ـ رمضان مطية
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقنا لكل خير
وأن يجعلنا ممن صام رمضان إيماناً واحتساباً فغفر له ماتقدم من ذنبه
وأن يجعلنا ممن قام رمضان إيماناً واحتساباً فغفر له ماتقدم من ذنبه
وأن يجعلنا ممن يقوم ليلة القدر إيماناً واحتساباً فيغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا
ونسأل الله أن يجعلنا من عتقائه في هذا الشهر الفضيل من النار
اللهم آآآآآآآآآآآمين